يحكي أنه كان بأرض جرجان ناسكٌ، وكانت له امرأةٌ لبثت عنده زماناً لم تلد، ثم حملت من بعد. فاستبشر بذلك الناسك، وقال لها: أبشري فإني أرجو أن تلدي غلاماً يكون لنا فيه متاعٌ وقرة عين. وأنا ذاهب لأبحث له عن مرضعة، ومتخيرٌٍ له من الأسماء أحسنها.
قالت المرأة: أيها الرجل! ما يحملك على أن تتكلم فيما لا تدري هل هو كائنٌ أم غير كائن؟ فاسكت عن هذا الكلام، وارض ما قسم الله لنا، فإن العاقل لا يتكلم في ما لا يدري ولا يحكم على المقادير في نفسه.
فاتعظ الناسك بقولها. ثم إن المرأة ولدت غلاماً سوياً فسر به أبوه سروراً عظيماً. حتى إذا كان بعد أيام قالت المرأة لزوجها: اقعد عند الصبي حتى أذهب إلى حمام السوق فأغتسل وأرجع إليك.
فانطلقت المرأة. ولم يقعد الرجل إلا قليلاً حتى جاءه رسولٌ يخبره بأن الملك يطلبه، فذهب معه ولم يخلف مع ابنه أحداً، إلا أنه كان لديه "ابن عرس" مؤدبٌ معلم، فتركه الرجل عند ابنه وذهب إلى الملك.
فانطلقت المرأة. ولم يقعد الرجل إلا قليلاً حتى جاءه رسولٌ يخبره بأن الملك يطلبه، فذهب معه ولم يخلف مع ابنه أحداً، إلا أنه كان لديه "ابن عرس" مؤدبٌ معلم، فتركه الرجل عند ابنه وذهب إلى الملك.
وكان في البيت جحر أفعى مخيفةٍ ضخمة، فخرجت تريد الغلام، فوثب عليها ابن عرس فقطعها ومزقها. ورجع الناسك إلى منزله فلقيه ابن عرس يسعى إليه كالمبشر له بما صنع. فلما نظر إليه الناسك متلطخاً بالدم سلب عقله، ولم يظن إلا أنه قد قتل ولده، فلم يتأنً ولم يتثبت في أمره، فضرب ابن عرس بعصاً كانت معه فقتله.
ودخل منزله فرأى الغلام حياً سليماً والأفعى ممزقةً مقتولةً، فراح يدق صدره ويلطم وجهه وينتف لحيته ويقول: "ليت هذا الولد لم يولد، ولم أرتكب هذا الإثم والغدر". فدخلت عليه المرأة وهو يبكي فسألته: ما يبكيك؟ وما شأن هذه الأفعى وابن عرس مقتولين؟
فأخبرها بالأمر وقال: هذا جزاء من يعمل بالعجلة ولا يتثبت.
تعليقات
إرسال تعليق